السوسي عمر العلم نــــور
عدد المساهمات : 204 تاريخ التسجيل : 20/10/2011
| موضوع: الخلفية النظرية لتوقعات الكفاءة الذاتية وتحديد المفاهيم السبت نوفمبر 12, 2011 4:17 pm | |
| الخلفية النظرية لتوقعات الكفاءة الذاتية وتحديد المفاهيم يشكل كل من الأهداف أو المخططات ومفهوم الذات إحدى التصورات المهمة ضمن نظرية التعلم الاجتماعي. ويحاول تصور الأهداف تفسير أنماط السلوك التي تستمر لفترة طويلة على الرغم من عدم وجود مبررات خارجية لهذا الاستمرار. ويشتمل هذا التصور على تنظيم لسيرورات الشخصية أيضا، أي أن أهدافنا أو مخططاتنا تساعدنا على وضع الأولويات وعلى الاختيار بين السلوكات التي تبدو في العادة على الدرجة نفسها من الأهمية ( Pervin, 1987 ) .وتعتبر الإدراكات الذاتية وآليات التنظيم الذاتي ذات أهمية من أجل فهم الآليات التي تجري بين المثيرات البيئية والسلوك الناجم عن ذلك . ففي مجرى النمو الفردي يقوم الفرد باستخدام سيرورات الضبط الذاتي Self-control وسيرورات التنظيم الذاتيSelf-organization . ويرى ميشيل (Mischel, 1977) أن مفهوم الذات هذا أو التصور حول الذات لا يشتمل على " جزء إضافي داخل الشخص يسبب، بصورة ما، سلوكاً معيناً ويوجد بصورة مستقلة عن العضوية التي يستقر بها "( عن Pervin,1987: 436) فالذات تقوم هنا على سيرورات هي بالأصل جزء من الوظائف النفسية ومن ثم فان الشخص لا يمتلك بنية يمكن تسميتها (( الـذات ))، وإنما هناك معرفيات تقوم على الذات. وإدراك الذات وضبط الذات عبارة عن متغيرتين تتحولان مع الزمن والمواقف (Bandura, 1986, 1988, 1992a) . ويهتم باندورا بمظهر خاص من الإدراك الذاتي بشكل خاص يتمثل في فاعلية السلوك الذاتي أو في تصور الكفاءة الذاتية(Bandura, 1977) ، الذي يشكل المكون الرئيسي في منظومة مفهوم الذات ( شلبي ، 1991) حيث أثبتت دراسات تجريبية وعيا دية أهمية هذا البناء بالنسبة للخبرة والسلوك الإنساني . والمقصود بالكفاءة الذاتية أو توقعات الكفاءة الذاتية " توقع الفرد بأنه قادر على أداء السلوك الذي يحقق نتائج مرغوب فيها في أي موقف معين " ( جابر، 1986: 442)، وهذا يعني انه عندما تواجه الفرد مشكلة ما أو موقف يتطلب الحل فإن الفرد، قبل أن يقوم بسلوك ما ، يعزو لنفسه القدرة على القيام بهذا السلوك ، وهذا ما يشكل الشق الأول من الكفاءة الذاتية ، في حين يشكل إدراك هذه القدرة الشق الثاني من الكفاءة الذاتية، أي على الفرد أن يكون مقتنعاً على أساس من المعرفة والقدرة …الخ بأنه يمتلك بالفعل الكفاءة اللازمة للقيام بسلوك ما بصورة ناجحة ( Schwarzer, 1990a,b, 1993a) وقناعة الفرد بإمكانية التأثير على نفسه والبيئة المحيطة تجعل مواجهة متطلبات الحياة أكثر سـهولة ( Bandura, 1986) " فكلما ازداد اعتقاد الإنسان بامتلاكه إمكانات سلوك توافقية من أجل التمكن من حل مشكلة ما بصورة عملية، كان أكثر اندفاعا لتحويل هذه القناعات أيضا سلوك فاعل "( Schwarzer, 1994:105 ). و تؤثر توقعات الكفاءة الذاتية على ثلاثة مستويات من السلوك ، هي: أولاً :اختيار الموقف، ثانيا :الجهد الذي يبذله الفرد وثالثا: المثابرة في السعي للتغلب على الموقف: المستوى الأول: يمكن للمواقف التي يمر بها الفرد أن تكون مواقف اختيارية أو لاتكون كذلك. فإذا ما كان الموقف واقعاً ضمن إمكانات حرية الفرد في الاختيار فإن اختياره للموقف يتعلق بدرجة كفاءته الذاتية ، أي أنه سيختار المواقف التي يستطيع فيها السيطرة على مشكلاتها ومتطلباتها ويتجنب المواقف التي تحمل له الصعوبات في طياتها . فطالب الصف العاشر من المرحلة الثانوية الذي عليه الاختيار بين الفرع العلمي أو الأدبي في الصف الحادي عشر يختار الفرع الذي يتوقع فيه لنفسه تحقيق النجاح- بمقدار ما تتوفر له حرية الاختيار- بعد أن جرّب في السنوات السابقة قدراته في المواد العلمية والأدبية المختلفة وتعرّف على نقاط ضعفه وقوته . وهذا ما يسميه شفارتسر( Schwarzer, 1992a)بالدافعية التي تقوم على اختيار المواقف وتفضيل نشاطات معينة وتشكيل نية سلوك واختيار أسلوب السلوك . المستوى الثاني والثالث : تحدد درجة الكفاءة الذاتية شدة المساعي والمثابرة المبذولة في أثناء حل مشكلة ما . فالشخص الذي يشعر بدرجة عالية من الكفاءة الذاتية سوف يبذل من الجهد والمثابرة أكثر من ذلك الذي يشعر بدرجة أقل من الكفاءة الذاتية . فالتقدير المسبق المرتفع للكفاءة الذاتية سيعطي الفرد الثقة بأن، مساعيه سوف تقود ه أيضا النجاح بغض، النظر عن صعوبتها ، في حين أن التقدير المنخفض للكفاءة الذاتية سيدفع الفرد أيضا بذل القليل من الجهد والمثابرة . وهذا ما يطلق عليه شفارتسر تسمية الإرادة التي تقوم على تحويل نية سلوك ما أيضا سلوك فعلي ، وعلى المحافظة على استمرارية هذا السلوك أمام العقبات التي تواجهه. وتشكل كل من الخبرات المباشرة ( نجاح المرء في التغلب على مشكلة ما وإدراكه وتفسيره للعلاقة بين جهوده والنتائج) وغيـر المباشـرة ( التعلم بالملاحظة أو وفق النموذج) والخبرات الرمزية ( الإقناع الخارجي للشخص بقدرته على القيام بسلوك معين ) والخبرات الانفعالية أو الإرجاع الانفعالي ( التبدلات الجسدية المدركة ذات الصبغة القلقية وتفسيرها نتيجة للنقص في الكفاءة الذاتية) تشكل مصادر توقعات الكفاءة الذاتية( جابر، 1986؛ Bandura, 1977,1986,1992a) . ويرى شفارتسر أن الأمر لا يتعلق هنا " بقدرة واقعية في التلاؤم مع الإرهاقات وإنما يتعلق الأمر بما يعتقده الشخص حول الكيفية التي يتعامل بها مع المتطلبات المدركة . فتوقع الكفاءة يقوم على الامتلاك الذاتي لكفاءات التغلب بدون أن يتطابق ذلك مع موارد السلوك الموضوعية بالضرورة " (Schwarzer, 1992a:18) . وبالتالي فان حقيقة التغلب الناجح على الموقف الحرج بنجاح لا تعني أن التغلب الناجح يؤكد أو يعزز توقعات الكفاءة بل الأمر مرهون في النهاية بالكيفية التي يتم فيها تفسير هذه النتائج، بكلمات أخرى بالأسباب التي تعزى لنتائج هذا السلوك . ثم إن الإخفاق بحد ذاته لا يقود أيضا تخفيض توقعات الكفاءة و إنما عـزو الشخص أسباب الإخفاق إلى قدراته غير الكافية بدلاً من عزوها إلى أسباب خارجية . وتلعب العلاقة بين القدرة المخمنة والجهد المبذول دوراً جوهرياً في رفع أو خفض مقدار توقعات الكفاءة الذاتية. فتحقيق النجاح بمقدار ضئيل من الجهد يعزز الميل نحو عزو النجاح للقدرة الذاتية وبالتالي أيضا رفع الكفاءة الذاتية . كما وأن تقدير مدى صعوبة مشكلة ما يؤثر على عزو الأسباب وعلى توقعات الكفاءة الذاتية. فحل المشكلات البسيطة لا يقدم معلومات جديدة لتعديل الكفاءة الذاتية، أمّا التغلب على المهمات التي تثير التحدي بالمقابل فهو يعطي الشعور بتوسيع الكفاءة ، في حين تشكل المهمات المتوسطة الشدة مصدراً جيداً من المعلومات حول الكفاءة الذاتية. إلاّ أن تأثير هذه المعلومات لايتم بصورة مباشرة، وإنما من خلال السيرورات المعرفيّـة (Bandura, 1988; Jerusalem, 1990) . ويتم التفريق في المراجع المتخصصة بين الكفاءة الذاتية العامة والكفاءة الذاتية الموقفية أو الخاصة (Bandura, 1986, 1988; Jerusalem, 1990 ; Schwarzer, 1990b, 1992a,b,c, 1993a, 1993b ; Schwarzer & Jerusalem,1989)، على الرغم من أن باندورا لم يقم بالتفريق بين توقعات الكفاءة الذاتية العامة والخاصة عندما قدّم البناء للمرة الأولى و وإنما قام بالتعيير الإجرائي لتوقعات الكفاءة الذاتية الخاصة مستخدما لوصف كلا الشكلين من توقعات الكفاءة الذاتية مصطلح ((الكفاءة الذاتية المدركة)) Perceived self-efficacy “ . والفرضية الكامنة وراء ذلك تتمثل في أنه في مجرى الحياة تكتسب قناعات الضبط الذاتية صفة سمات الشخصية ، حيث تتغاير مرونتها وثباتها بصورة مختلفة في مواقف المتطلبات المختلفة.غير أن وجود أشخاص يحملون كفاءة خاصة بالنسبة لمجموعة كبيرة من القضايا دفعت أيضا افتراض إمكانية جمع عدد كبير من هذه الكفاءات الخاصة في بناء عام وثابت ( Schwarzer, 1994). وتشتمل توقعات الكفاءة الذاتية العامة على المواقف العامة التي يمكن لكل شخص أن يمر بها، في حين تشتمل توقعات الكفاءة الذاتية الخاصة على مجالات خاصة من المشكلات التي يمكن أن تواجه أشخاصا محددين أو مجموعات خاصة كالمدخنين وذوي الوزن الزائد …الخ . و يميز شفارتسر (Schwarzer, 1993a; 1994) بين " توقعات الكفاءة الذاتية " و "التفاؤلية" ويرى أن باندورا قد استخدم مصطلح " القناعات الذاتية التفاؤلية optimistic self beliefs “ " عوضا عن " الكفاءة الذاتية المدركة " ، ويرى أن هذا البناء الذي اقترحه باندورا في عام 1977 لتوقعات الكفاءة يعبر عن " تفاؤلية وظيفية تحتل فيها الموارد الإيجابية مركز الاهتمام " ( (Schwarzer, 1994 :109 وتشكل جزءا ضروريا من توقعات الكفاءة . وهو يختلف عن " التفاؤلية " Dispositional Optimism النزوعية التي تقوم عليها توقعات النتائج العامة لشاير وكارفير ( Scheier & Carver, 1985`) التي تعرضت لانتقادات متعددة (Schwarzer, 1993a) فالاعتقاد بأن، أمور الحياة ستسير بصورة جيدة من تلقاء نفسها عبارة عن توقعات عامة تختلف عن الثقة بالإمكانات الذاتية وبقدرة المرء على القيام بسلوك معين . ويقترح شفارتسر (Schwarzer, 1994) مفهوماً دقيقاً يرى نفسه بأنه معقد وغير عملي يتمثل في " توقعات الكفاءة الذاتية التفاؤلية المعممة النزوعية" للفصل بين توقعات الكفاءة الذاتية والتفاؤلية النزوعية عند شرير وكارفير. الدكتور سـامـر جميـل رضـــوان
| |
|